مبادرة إنسانية مبتكرة نُفّذت داخل أحد المخيمات المتأثرة بالحرب والمجاعة في غزة، استهدفت الأمهات المرضعات عبر تجربة تفاعلية امتدت على مدار ثلاثة أيام، محاولةً رفع الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية وتعزيز العلاقة بين الأم ورضيعها، إلى جانب تقديم مهارة جديدة تُساهم في تخفيف الضغط النفسي من خلال نشاط تفاعلي بسيط.

جاءت المُبادرة تماشيًا مع ظروف المعاناة التي خلقتها الحرب على قطاع غزّة، حيث تقلّ المعلومات حول جوانب الحياة المختلفة، إذ تعيش الأمهات المرضعات في بيئة نزوح قاسية نتيجة الحرب، ما يفرض عليهن ضغوطًا نفسية وجسدية مستمرة.

يواجهن نقصًا في المعرفة حول أسس الرضاعة الطبيعية، مما يؤثر على صحة الطفل ونموه، ويفتقرن إلى وسائل دعم نفسي تساعدهم على التكيف مع المسؤوليات المتزايدة.

كما تعاني البيئة المحيطة من انعدام وسائل الترفيه الإيجابي والتفريغ النفسي للأمهات، فيما لا تتوفر للأمهات فرص لاكتساب مهارات جديدة تعزز من شعورهن بالقدرة والإنجاز في ظل الفوضى المحيطة. هناك حاجة لمساحة آمنة تجمع بين الوعي، التفريغ، والتفاعل الإنساني بشكل مبسّط ومتاح.

• تعزيز الوعي الصحي والتغذوي للأمهات حول الرضاعة الطبيعية وأهميتها في نمو الطفل الجسدي والعاطفي.
• تمكين الأمهات من التعامل مع التحديات الشائعة المرتبطة بالرضاعة في بيئة النزوح.
• تزويد الأمهات بمهارة غزل الصوف كوسيلة للتفريغ النفسي والتركيز الذهني.

نُفذت المبادرة على مدار عدّة أيام، وقبل ذلك، انعقد لقاءٌ خاص لفريقها لتوحيد الرؤية وترسيخ المفاهيم، حيث قدّ مختصٌ طبي شرحًا مبسّطًا ووافيًا حول الرضاعة الطبيعية، تحدّث فيه عن فوائدها الصحية والنفسية لكل من الأم والرضيع، إضافةً إلى التحديات الشائعة والمفاهيم الأساسية التي يجدر بالأمهات إدراكها.

وقد استهدفت تسع 19 أمًا مرضعة، حيث سارت الفعاليات بتسلسل مدروس يجمع بين المهارة اليدوية والمعرفة التوعوية.

اليوم الأول:
بدأ اللقاء بجلسة تعارف ونشاط لكسر الجمود بهدف خلق جو مريح وآمن للتفاعل. ثم انتقل الفريق إلى الشق العملي، حيث تم تعريف الأمهات بالأدوات الأساسية للكروشيه، وجرى تعليمهن الخطوات الأولى المتمثلة في كيفية عمل العقدة والسلسلة. وفي الشق التوعوي، قُدمت جلسة تفاعلية حول الرضاعة الطبيعية تضمنت شرحًا لمفهومها وأهميتها، وفوائدها الجسدية والعاطفية لكل من الأم والطفل، إضافة إلى توضيح الوضعيات الصحيحة للرضاعة، وكيفية التعرّف إلى علامات الشبع والأوقات المناسبة للرضعات ودورها في تطور الجهاز العاطفي والعصبي لدى الرضيع.

اليوم الثاني:
استُهلّ بمراجعة ما تم تعلمه من مهارة السلسلة في الكروشيه، والتأكد من إتقانها بشكل كامل. ثم باشر الفريق تعليم الأمهات خطوة جديدة وهي غرزة "العمود". أما في الجانب التوعوي، فقد فُتح نقاش حواري مفتوح مع الأمهات للحديث عن أبرز التحديات التي قد تواجههن أثناء الرضاعة الطبيعية.

اليوم الثالث:
شهد اليوم الأخير تطورًا ملحوظًا في الجانب العملي، إذ تمكنت بعض الأمهات من إتقان غرزة العمود وصنعن أولى قطعهن اليدوية على شكل "بندانة" لأطفالهن، وقد تم عرض الأعمال وتوثيقها باعتزاز. وفي الشق التوعوي، عُقد لقاء مخصص لفهم لغة الطفل غير اللفظية، حيث جرى الحديث عن إشارات البكاء، وحركات الجسد، وتعابير الوجه، وكيف يمكن للأم قراءة هذه العلامات للتجاوب العاطفي السليم. كما تم تسليط الضوء على دور الرضاعة الطبيعية في تنمية الحواس لدى الطفل وتعزيز ارتباطه النفسي بالأم.

بهذا التسلسل، جمعت المبادرة بين المعرفة والرعاية والمهارة، مقدّمةً للأمهات مساحة آمنة للتعلم والمشاركة، ومفسحةً المجال أمامهن ليصنعن تجربة تجمع بين العناية بالأطفال وتمكين الذات.

نفّذ المُبادرة فريق من الشابات والشباب ضمن SDF Youth Hub، الذين عملوا في إطار مشاريع مؤسسة المنتدى الاجتماعي التنموي في قطاع غزّة.

جاءت المُبادرة كجزء من سلسلة مُبادرات انطلقت في مرحلتها الأولى، وهي تتركّز على التوعية المجتمعية والصحية، والتثقيف، وتعزيز الأمن المجتمعي، ودعم النازحين والاستجابة لوقت الطوارئ.

صممت المُبادرات وقاد تنفيذها مجموعة من الشباب والشابات الذين تلقّوا تدريبًا مكثفًا مسبقًا، على يد نُخبة من المدربين، ضمن مشروع بناء قدرات "الهاب"، الذي يهدف إلى تمكين الشباب في الأزمات وتحفيزهم للعب أدوار فاعلة في مجتمعاتهم.

فريق تطوعي انطلق ضمن SDF Youth Hub، يضم نخبة من الشباب الذين يسعون لخدمة مجتمع النازحين في ظلّ ظروفٍ صعبة وقاسية، ساعيًا نحو الأمل والتغيير.